فصل: (فَصْلٌ): (فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ وَالْأَنْصِبَاءِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.(فَصْلٌ): [فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ]:

(فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ) وَهَذَا الْفَصْلُ يُذْكَرُ فِيهِ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ (مَنْ وُصِّيَ)- بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ- (لَهُ بِجُزْءٍ أَوْ حَظٍّ أَوْ نَصِيبٍ أَوْ قِسْطٍ أَوْ شَيْءٍ،) (فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يُعْطُوهُ)؛ أَيْ: الْمُوصَى لَهُ بِأَحَدِ هَذِهِ (مَا شَاءُوا) لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ جُزْءٌ وَنَصِيبٌ وَحَظٌّ وَشَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا مِنْ مَالِي أَوْ اُرْزُقُوهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا حَدَّ لَهُ لُغَةً وَلَا شَرْعًا، فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ (مِنْ مُتَمَوَّلٍ) لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْوَصِيَّةِ بِرُّ الْمُوصَى لَهُ، وَإِنَّمَا وَكَّلَ قَدْرَ الْمُوصَى بِهِ وَتَعْيِينَهُ إلَى الْوَرَثَةِ، وَمَا لَا يُتَمَوَّلُ شَرْعًا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ.
(وَ) إنْ وَصَّى (بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ)؛ أَيْ: الْمُوصَى لَهُ بِالسَّهْمِ (سُدُسٌ بِمَنْزِلَةِ سُدُسٍ مَفْرُوضٍ) لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ: «أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّدُسَ». وَلِأَنَّ السَّهْمَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ السُّدُسُ، قَالَهُ إيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَتَنْصَرِفُ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ لَفَظَ بِهِ، وَلِأَنَّهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ السُّدُسَ أَقَلُّ سَهْمٍ مَفْرُوضٍ يَرِثُهُ ذُو قَرَابَةٍ، فَتَنْصَرِفُ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ (إنْ لَمْ تَكْمُلْ فُرُوضُ الْمَسْأَلَةِ) كَأُمٍّ وَبِنْتَيْنِ، مَسْأَلَتُهُمْ مِنْ سِتَّةٍ، وَتَرْجِعُ بِالرَّدِّ إلَى خَمْسَةٍ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا السَّهْمُ الْمُوصَى بِهِ؛ فَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ، لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ، وَلِلْأُمِّ سَهْمٌ، وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمَانِ. (أَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ عُصْبَةً) كَخَمْسَةِ بَنِينَ مَعَ الْوَصِيَّةِ بِسَهْمٍ، فَلَهُ سُدُسٌ، وَالْبَاقِي لِلْبَنِينَ (وَإِنْ كَمُلَتْ) فُرُوضُ الْمَسْأَلَةِ (أُعِيلَتْ بِهِ)؛ أَيْ: السُّدُسِ (كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ) أَوْ لِأَبٍ مَعَ وَصِيَّةٍ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ، (فـَ) إنَّهَا تَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ، وَ(يُعْطَى) الْمُوصَى لَهُ (السُّبْعَ) وَاحِدٌ مِنْ سَبْعَةٍ، وَالزَّوْجُ ثَلَاثَةً، وَالْأُخْتُ ثَلَاثَةً مِنْ السَّبْعَةِ (وَإِنْ عَالَتْ) الْمَسْأَلَةُ بِدُونِ السَّهْمِ الْمُوصَى بِهِ (أُعِيلَ مَعَهَا) بِالسَّهْمِ الْمُوصَى بِهِ (كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُمَا)؛ أَيْ: الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ (جَدَّةٌ) زَادَ عَوْلُهَا بِالسَّهْمِ الْمُوصَى بِهِ (فَيُعْطَى) الْمُوصَى لَهُ (الثُّمُنَ) وَالْجَدَّةُ سَهْمًا، وَكُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً.
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: فَكَانَ مَعْنَى الْوَصِيَّةِ: أَوْصَيْتُ لَكَ بِسَهْمِ مَنْ يَرِثُ السُّدُسَ انْتَهَى.
وَإِنْ خَلَّفَ زَوْجَةً وَخَمْسَةَ بَنِينَ فَأَصْلُهَا ثَمَانِيَةٌ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعِينَ، فَيُزَادُ عَلَيْهَا مِثْلُ سُدُسِهَا- وَلَا سُدُسَ لَهَا- فَتَضْرِبُهَا فِي سِتَّةٍ تَبْلُغُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَتَزِيدُ عَلَى الْحَاصِلِ سُدُسَهُ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ، تَبْلُغُ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ، لِلْمُوصَى لَهُ بِالسَّهْمِ أَرْبَعُونَ، وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثُونَ؛ لِأَنَّ لَهَا مِنْ الْأَرْبَعِينَ خَمْسَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي سِتَّةٍ عَدَدِ الرُّءُوسِ، وَلِكُلِّ ابْنٍ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ؛ لِأَنَّ لَهُ سَبْعَةً مِنْ الْأَرْبَعِينَ مَضْرُوبَةً فِي سِتَّةٍ. وَإِنْ وَصَّى لِإِنْسَانٍ بِسُدُسِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِسَهْمٍ مِنْهُ، وَخَلَّفَ أَبَوَيْنِ وَابْنَتَيْنِ؛ جَعَلْتَ ذَا السَّهْمِ كَالْأُمِّ، وَأَعْطَيْتَ صَاحِبَ السُّدُسِ سُدُسًا كَامِلًا، وَقَسَمْتَ الْبَاقِيَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالسَّهْمِ عَلَى سَبْعَةٍ؛ فَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ. لِصَاحِبِ السُّدُسِ سَبْعَةٌ، وَلِصَاحِبِ السَّهْمِ خَمْسَةٌ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي.
(وَ) إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ (بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ كَثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ تَأْخُذُهُ مِنْ مَخْرَجِهِ) لِيَكُونَ صَحِيحًا (فَتَدْفَعُهُ إلَيْهِ)؛ أَيْ: إلَى الْمُوصَى لَهُ بِهِ (وَتُقَسِّمُ الْبَاقِيَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ) لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ، فَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ وَلَهُ ابْنَانِ، فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةَ بَنِينَ، وَوَصَّى بِرُبُعِهِ، فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَإِنْ وَصَّى بِخَمْسَةٍ، وَخَلَّفَ زَوْجَةً وَأُخْتًا؛ صَحَّتْ مِنْ خَمْسَةٍ، وَبِتِسْعَةٍ. وَخَلَّفَ زَوْجَةً وَسَبْعَ بَنِينَ؛ صَحَّتْ مِنْ تِسْعَةٍ (إلَّا أَنْ يَزِيدَ) الْجُزْءُ الْمُوصَى بِهِ (عَلَى الثُّلُثِ) كَالنِّصْفِ (وَلَمْ تُجِزْ) الْوَرَثَةُ الزَّائِدَ (فَيُفْرَضُ لَهُ)؛ أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (الثُّلُثُ، وَتُقَسِّمُ الثُّلُثَيْنِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ) كَمَا لَوْ وَصَّى لَهُ بِالثُّلُثِ فَقَطْ، فَلَوْ وَصَّى لَهُ بِالنِّصْفِ، وَلَهُ ابْنَانِ فَرَدَّا؛ فَلِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ، وَالْبَاقِي لِلِابْنَيْنِ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ (فَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ) الْبَاقِي بَعْدَ الثُّلُثِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ (ضَرَبْتَ الْمَسْأَلَةَ)؛ أَيْ: مَسْأَلَةَ الْوَرَثَةِ إنْ بَايَنَهَا الْبَاقِي، (أَوْ) ضَرَبْتَ (وَفْقَهَا) إنْ وَافَقَهَا الْبَاقِي (فِي مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ، فَمَا بَلَغَ فَمِنْهُ تَصِحُّ) مِثَالُ الْمُبَايَنَةِ مَا لَوْ وَصَّى بِنِصْفٍ وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَرَدُّوا، مَخْرَجُ الْوَصِيَّةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ مِنْهَا، يَبْقَى اثْنَانِ تُبَايِنُ عَدَدَ الْبَنِينَ، فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ تَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ، وَمِثَالُ الْمُوَافَقَةِ لَوْ كَانَ الْبَنُونَ أَرْبَعَةً فَقَدْ بَقِيَ لَهُ سَهْمَانِ تُوَافِقُ عَدَدَهُمْ بِالنِّصْفِ، فَرُدَّهُمْ إلَى نِصْفِهِمْ اثْنَيْنِ، وَاضْرِبْهُمَا فِي ثَلَاثَةٍ؛ تَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ. لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ.
(وَ) إنْ وَصَّى (بِجُزْأَيْنِ) كَثُمُنٍ وَتُسْعٍ؛ أَخَذْتُهُمَا مِنْ مَخْرَجِهِمَا سَبْعَةَ عَشَرَ، وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ، فَاضْرِبْ ثَمَانِيَةً فِي تِسْعَةٍ تَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ، فَأَعْطِ لِصَاحِبِ الثُّمُنِ تِسْعَةً، وَلِصَاحِبِ التُّسْعِ ثَمَانِيَةً يَبْقَى خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ تُدْفَعُ لِلْوَرَثَةِ. (أَوْ) وَصَّى (بِأَكْثَرَ) مِنْ جُزْأَيْنِ كَثُمُنٍ وَتُسْعٍ وَعُشْرٍ (تَأْخُذُهَا)؛ أَيْ: الْكُسُورَ (مِنْ مَخْرَجِهَا) الْجَامِعِ لَهَا وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ، فَاضْرِبْ الثَّمَانِيَةَ فِي التِّسْعَةِ تَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ؛ ثُمَّ اضْرِبْ ذَلِكَ فِي عَشْرٍ تَبْلُغُ سَبْعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ، فَأَعْطِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّمُنِ تِسْعِينَ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّبْعِ ثَمَانِينَ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْعُشْرِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ (وَتُقَسِّمُ الْبَاقِيَ) وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ (عَلَى الْمَسْأَلَةِ)؛ أَيْ: مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ. (فَإِنْ زَادَتْ) الْأَجْزَاءُ الْمُوصَى بِهَا (عَلَى الثُّلُثِ، وَرَدَّ الْوَرَثَةُ) الزَّائِدَ (جَعَلْتَ السِّهَامَ الْحَاصِلَةَ لِلْأَوْصِيَاءِ) وَهِيَ بَسْطُ الْكُسُورِ مِنْ مَخْرَجِهَا (ثُلُثَ الْمَالِ) لِيُقْسَمَ عَلَيْهِمْ بِلَا كَسْرٍ (وَقَسَمْتَ الثُّلُثَيْنِ عَلَى الْوَرَثَةِ) إنْ انْقَسَمَ، وَإِلَّا فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمُوصَى لَهُمْ مَنْ جَاوَزَتْ وَصِيَّتُهُ الثُّلُثَ أَوْ لَا، وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. (فَلَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَ) وَصَّى (لِآخَرَ بِرُبُعِهِ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ، أَخَذْتَ الثُّلُثَ وَالرُّبُعَ مِنْ مَخْرَجِهِمَا سَبْعَةً مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ) لِأَنَّ مَخْرَجَ الثُّلُثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالرُّبُعِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ مُتَبَايِنَانِ، وَمُسَطَّحُهُمَا اثْنَا عَشَرَ، فَهِيَ الْمَخْرَجُ، وَثُلُثُهَا أَرْبَعَةٌ وَرُبُعُهَا ثَلَاثَةٌ؛ فَمَجْمُوعُ الْبَسْطَيْنِ سَبْعَةٌ لِلْوَصِيَّيْنِ (يَبْقَى خَمْسَةٌ لِلِابْنَيْنِ إنْ أَجَازَا) لِلْوَصِيَّيْنِ، لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا وَتُبَايِنُ عَدَدَهُمَا، فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ (وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) ثُمَّ اقْسِمْ؛ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثَمَانِيَةٌ، وَالرُّبُعِ سِتَّةٌ، وَلِلِابْنَيْنِ عَشَرَةٌ، لِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ. (وَإِنْ رَدَّا)؛ أَيْ: الِابْنَانِ الْوَصِيَّتَيْنِ (جَعَلْتَ السَّبْعَةَ ثُلُثَ الْمَالِ) وَقَسَمْتَهَا بَيْنَ الْوَصِيَّتَيْنِ، لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ، وَلِصَاحِبِ الرُّبُعِ ثَلَاثَةٌ (فَتَكُونُ) الْمَسْأَلَةُ (مِنْ وَاحِدٍ وَعِشْرِينَ) لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّدِّ أَبَدًا مِنْ ثَلَاثَةٍ، سَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُمْ يُقَسَّمُ عَلَى سِهَامِهِمْ وَسَهْمَانِ لِلْوَرَثَةِ عَلَى مَسْأَلَتِهِمْ، فَاضْرِبْ سَبْعَةً فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ (لِلْوَصِيَّيْنِ الثُّلُثُ سَبْعَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ، وَلِصَاحِبِ الرُّبُعِ ثَلَاثَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ سَبْعَةٌ،). (وَإِنْ أَجَازَا)؛ أَيْ: الِابْنَانِ (لِأَحَدِهِمَا)؛ أَيْ: الْوَصِيِّينَ دُونَ الْآخَرِ (أَوْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا)؛ أَيْ: الِابْنَيْنِ (لَهُمَا)؛ أَيْ: الْوَصِيَّيْنِ (أَوْ) أَجَازَ (كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ الِابْنَيْنِ لِوَاحِدٍ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ، فَاعْمَلْ مَسْأَلَةَ الْإِجَازَةِ وَمَسْأَلَةَ الرَّدِّ، وَانْظُرْ بَيْنَهُمَا بِالنِّسَبِ الْأَرْبَعِ، فَإِنْ تَبَايَنَا فَاضْرِبْ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى، وَإِنْ تَوَافَقَتَا كَمَا فِي الْمِثَالِ، فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الْإِجَازَةِ فِيهِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَمَسْأَلَةَ الرَّدِّ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ، وَهُمَا مُتَوَافِقَتَانِ بِالثُّلُثِ (فَاضْرِبْ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الرَّدِّ وَهِيَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، تَكُنْ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَسِتِّينَ) ثُمَّ اقْسِمْهَا بَيْنَهُمْ (لِلَّذِي أُجِيزَ لَهُ)؛ أَيْ: أَجَازَهُ الِابْنَانِ مِنْ الْوَصِيَّتَيْنِ (سَهْمُهُ) مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ مَضْرُوبٌ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ: فَإِنْ كَانَ أَجَازَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَحْدَهُ فَلَهُ مِنْ الْإِجَازَةِ ثَمَانِيَةٌ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ وَهُوَ سَبْعَةٌ، يَحْصُلُ لَهُ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ، وَلِصَاحِبِ الرُّبُعِ نَصِيبُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ ثَلَاثَةٌ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَيَبْقَى ثَمَانٍ وَثَمَانُونَ بَيْنَ الِابْنَيْنِ، لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَإِنْ كَانَا أَجَازَا لِصَاحِبِ الرُّبُعِ وَحْدَهُ فَلَهُ مِنْ الْإِجَازَةِ سِتَّةٌ فِي سَبْعَةٍ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ (وَلِلَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ) كَصَاحِبِ الثُّلُثِ فِي الْمِثَالِ (سَهْمُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ) تُضْرَبُ بِأَرْبَعَةٍ (فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ) وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ يَخْرُجُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، فَمَجْمُوعُ مَا لِلْوَصِيَّيْنِ أَرْبَعَةٌ وَسَبْعُونَ (وَالْبَاقِي) وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَتِسْعُونَ (لِلْوَرَثَةِ) وَهُمَا الِابْنَانِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ.
(وَ) إنْ كَانَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَجَازَ لَهُمَا وَالْآخَرُ رَدَّ لَهُمَا؛ فَ (لِ) لِابْنِ (الَّذِي أَجَازَ لَهُمَا نَصِيبُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ) وَهُوَ خَمْسَةٌ (فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ) سَبْعَةٌ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ (وَلِ) لِابْنِ الْآخَرِ الرَّادِّ عَلَى الْوَصِيَّيْنِ (سَهْمُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ) سَبْعَةٌ (فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ) ثَمَانِيَةٌ بِسِتَّةٍ وَخَمْسِينَ، فَيَكُونُ مَجْمُوعُ مَا لِلْوَلَدَيْنِ أَحَدًا وَتِسْعِينَ (وَالْبَاقِي) وَهُوَ سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ (بَيْنَ الْوَصِيَّيْنِ عَلَى) سِهَامِهَا (سَبْعَةٌ) لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَلِصَاحِبِ الرُّبُعِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الِابْنَيْنِ إذَا أَجَازَا لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَحْدَهُ كَانَ لَهُ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ، وَإِذَا رَدَّا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، فَقَدْ نَقَصَهُ رَدُّهُمَا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، فَيَنْقُصُهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا اثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنْ أَجَازَا لِصَاحِبِ الرُّبُعِ وَحْدَهُ كَانَ لَهُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ، وَإِنْ رَدَّا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، فَقَدْ نَقَصَهُ رَدُّهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَيَنْقُصُهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا تِسْعَةً، وَأَمَّا الِابْنَانِ فَاَلَّذِي أَجَازَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَحْدَهُ إنْ أَجَازَ لَهُمَا مَعًا كَانَ لَهُ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِمَا كَانَ لَهُ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ، فَنَقَصَتْهُ الْإِجَازَةُ لَهُمَا أَحَدًا وَعِشْرِينَ، لِصَاحِبِ الثُّلُثِ مِنْهَا عَشَرَةٌ يَبْقَى لِلِابْنِ الَّذِي أَجَازَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَاَلَّذِي أَجَازَ لِصَاحِبِ الرُّبُعِ إذَا أَجَازَ لَهُمَا مَعًا كَانَ لَهُ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَإِذَا رَدَّ عَلَيْهِمَا كَانَ لَهُ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ، فَنَقَصَتْهُ الْإِجَازَةُ لَهُمَا أَحَدًا وَعِشْرِينَ، مِنْهَا تِسْعَةٌ لِصَاحِبِ الرُّبُعِ يَبْقَى لِلِابْنِ الَّذِي أَجَازَ لِصَاحِبِهِ الرُّبُعَ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ. (وَإِنْ زَادَتْ) الْأَجْزَاءُ الْمُوصَى بِهَا (عَلَى الْمَالِ عَمِلْتَ فِيهَا عَمَلَكَ فِي مَسَائِلِ الْعَوْلِ) نَصًّا بِأَنْ تَجْعَلَ وَصَايَاهُمْ كَالْفُرُوضِ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْوَرَثَةِ. (فـَ) لَوْ وَصَّى (بِنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَرُبُعٍ وَسُدُسٍ تَأْخُذُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ) لِأَنَّهُ مَخْرَجُهَا (وَتَعُولُ لِخَمْسَةَ عَشَرَ، فَيُقَسَّمُ الْمَالُ كَذَلِكَ) بَيْنَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا (إنْ أُجِيزَ لَهُمْ) كُلِّهِمْ، (أَوْ) يُقَسَّمُ (الثُّلُثُ) كَذَلِكَ (إنْ رُدَّ عَلَيْهِمْ): فَتَصِحُّ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ، لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ لِي إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِنِصْفِ وَثُلُثِ مَالِهِ وَرُبُعِ مَالِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا يَجُوزُ. قَالَ: قَدْ أَجَازُوهُ. قُلْتُ: لَا أَدْرِي. قَالَ: أَمْسِكْ اثْنَيْ عَشَرَ فَأَخْرِجْ نِصْفَهَا سِتَّةً وَثُلُثَهَا أَرْبَعَةً وَرُبُعَهَا ثَلَاثَةً، وَاقْسِمْ الْمَالَ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ.
(وَ) مَنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ (وَ) وَصَّى (لِآخَرَ بِنَصَفِهِ، فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا)؛ أَيْ: الْوَصِيَّيْنِ (عَلَى ثَلَاثَةٍ إنْ أُجِيزَ لَهُمَا)؛ أَيْ: الْوَصِيَّيْنِ (وَالثُّلُثُ) بَيْنَهُمَا (عَلَى ثَلَاثَةٍ مَعَ الرَّدِّ) نَصًّا؛ لِأَنَّ بَسْطَ الْمَالِ مِنْ جِنْسِ الْكَسْرِ نِصْفَيْنِ، فَإِذَا ضَمَمْتَ إلَيْهِمَا النِّصْفَ الْآخَرَ تَصِيرُ ثَلَاثَةَ أَنْصَافٍ، وَتُقَسِّمُ الْمَالَ عَلَيْهَا مَعَ الْإِجَازَةِ، فَيَصِيرُ النِّصْفُ ثُلُثًا، كَمَا فِي زَوْجٍ وَأُمٍّ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ (وَإِنْ أُجِيزَ)؛ أَيْ: أَجَازَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ (لِصَاحِبِ الْمَالِ)؛ أَيْ: الْمُوصَى لَهُ بِهِ (وَحْدَهُ)؛ أَيْ: دُونَ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ (فَلِصَاحِبِ النِّصْفِ التُّسْعُ) لِأَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثُلُثُهُ وَهُوَ التُّسْعُ (لِأَنَّهُ ثُلُثُ الثُّلُثِ، وَالْبَاقِي) وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَتْسَاعٍ (لِصَاحِبِ الْمَالِ) لِأَنَّهُ مُوصَى لَهُ بِالْمَالِ كُلِّهِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فِي حَالِ الْإِجَازَةِ لِمُزَاحَمَةِ صَاحِبِهِ لَهُ، فَإِذَا زَالَتْ الْمُزَاحَمَةُ فِي الْبَاقِي كَانَ لَهُ (وَإِنْ أُجِيزَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَحْدَهُ)؛ أَيْ: دُونَ الْمُوصَى لَهُ بِالْكُلِّ (فَلَهُ النِّصْفُ) لِأَنَّهُ لَا مُزَاحِمَ لَهُ فِيهِ (وَلِصَاحِبِ الْمَالِ تُسْعَانِ) لِأَنَّ لَهُ ثُلْثَيْ الثُّلُثِ وَهُمَا ذَلِكَ (وَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا)؛ أَيْ: أَحَدُ ابْنَيْ الْمُوصِي (لَهُمَا فَسَهْمُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ وَ) حِينَئِذٍ فَ (لَا) شَيْءَ لَهُ؛ أَيْ: الْمُجِيزِ (وَلِلرَّادِّ ثُلُثُ الْمَالِ، وَالثُّلُثَانِ بَيْنَ الْوَصِيَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ) فَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ، لِلْمُوصَى لَهُمَا ثَلَاثَةٌ مِنْ الْأَصْلِ، يَبْقَى سِتَّةٌ لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ تُقَسِّمُ نَصِيبَ الْمُجِيزِ لَهُمَا، فَيَصِيرُ لَهُمَا سِتَّةٌ مَقْسُومَةٌ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، لِصَاحِبِ الْمَالِ أَرْبَعَةٌ، وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ سَهْمَانِ، وَيَبْقَى لِلرَّادِّ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ يَخْتَصُّ بِهَا (وَإِنْ أَجَازَ) أَحَدُ الِابْنَيْنِ (لِصَاحِبِ الْمَالِ وَحْدَهُ دَفَعَ إلَيْهِ كُلَّ مَا فِي يَدِهِ؛ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ تُسْعٌ، وَلِلرَّادِّ ثَلَاثَةُ أَتْسَاعٍ وَالْبَاقِي) خَمْسَةُ أَتْسَاعٍ تُدْفَعُ (لِمُوصًى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ أَجَازَ) أَحَدُ الِابْنَيْنِ (لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَحْدَهُ)؛ أَيْ: دُونَ الْآخَرِ (دَفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ وَنِصْفَ سُدُسِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ وَرُبُعُهُ، وَتَصِحُّ) الْمَسْأَلَةُ (مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ) لِلَّذِي لَمْ يُجِزْ اثْنَا عَشَرَ، وَلِلْمُجِيزِ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ لَهُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ اثْنَيْ عَشَرَ، فَلَمَّا أَجَازَ انْتَزَعَ مِنْهُ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ وَنِصْفَ سُدُسِهِ، وَهُمَا سَبْعَةٌ، فَيَبْقَى لَهُ خَمْسَةٌ، وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ أَحَدَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ أَرْبَعَةٌ وَأَخَذَ مِنْ الْمُجِيزِ سَبْعَةً، فَتَكْمُلُ لَهُ أَحَدَ عَشَرَ، وَلِصَاحِبِ الْمَالِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ لَهُ مِثْلَا مَا لِصَاحِبِ النِّصْفِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّدِّ مِنْ تِسْعَةٍ، لِصَاحِبِ النِّصْفِ مِنْهَا سَهْمٌ، فَلَوْ أَجَازَ الِابْنَانِ كَانَ لَهُ تَمَامُ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ، فَإِذَا أَجَازَ لَهُ أَحَدُهُمَا لَزِمَهُ نِصْفُ ذَلِكَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ وَرُبُعٌ. وَمِنْ تُسْعٍ، فَتَضْرِبُ مَخْرَجَ الرُّبُعِ فِي تِسْعَةٍ تَكُنْ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ.

.(فَصْلٌ): [فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ وَالْأَنْصِبَاءِ]:

(فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ وَالْأَنْصِبَاءِ: إذَا خَلَّفَ ابْنَيْنِ، وَوَصَّى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِعَمْرٍو بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الثُّلُثُ مَعَ الْإِجَازَةِ) أَمَّا زَيْدٌ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَمْرٌو فَلِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُفْرَضُ لَهُ مِثْلُ نَصِيبِ ابْنٍ، وَيُضَمُّ إلَيْهِمَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَصِيٌّ آخَرُ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ (وَ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا (السُّدُسُ مَعَ الرَّدِّ) لِأَنَّهُ مُوصًى لَهُ بِثُلُثَيْ مَالِهِ، وَقَدْ رَجَعَتْ وَصِيَّتُهُمَا بِالرَّدِّ إلَى نِصْفِهَا، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ، لِكُلِّ وَصِيٍّ سَهْمٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ (وَالِابْنَانِ بِالْعَكْسِ) فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسُ مَعَ الْإِجَازَةِ وَالثُّلُثُ مَعَ الرَّدِّ. (وَإِنْ كَانَ) الْجُزْءُ الْمُوصَى بِهِ (لِزَيْدٍ النِّصْفَ، وَأَجَازَا)؛ أَيْ: الِابْنَانِ لِلْوَصِيَّيْنِ (فَهُوَ)؛ أَيْ: النِّصْفُ (لَهُ)؛ أَيْ: لِزَيْدٍ (وَلِعَمْرٍو الثُّلُثُ وَيَبْقَى سُدُسٌ بَيْنَ الِابْنَيْنِ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ) لِزَيْدٍ سِتَّةٌ وَلِعَمْرٍو أَرْبَعَةٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ (وَإِنْ رَدَّا فَ) تَصِحُّ (مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ) لِأَنَّ الثُّلُثَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ، فَتَضْرِبُهَا فِي ثَلَاثَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ (لِزَيْدٍ ثَلَاثَةٌ وَلِعَمْرٍو اثْنَانِ) وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ (وَإِنْ كَانَ لِزَيْدٍ الثُّلُثَانِ) وَلِعَمْرٍو مِثْلُ نَصِيبِ ابْنٍ (صَحَّتْ مَعَ الْإِجَازَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ) مَخْرَجِ الثُّلُثَيْنِ، وَالثُّلُثُ لِلتَّمَاثُلِ (لِزَيْدٍ سَهْمَانِ، وَلِعَمْرٍو سَهْمٌ، وَمَعَ الرَّدِّ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ) لِزَيْدٍ تُسْعَانِ، وَلِعَمْرٍو تُسْعٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ. (وَإِنْ وَصَّى لِرَجُلٍ) أَوْ امْرَأَةٍ (بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا)؛ أَيْ: الِابْنَيْنِ (وَ) وَصَّى لِآخَرَ بِثُلُثِ بَاقِي الْمَالِ فَلِصَاحِبِ النَّصِيبِ؛ أَيْ: الْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ (ثُلُثُ الْمَالِ) كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَصِيٌّ آخَرُ (وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الْبَاقِي)؛ أَيْ: الثُّلُثَيْنِ، وَذَلِكَ (تُسْعَانِ مَعَ الْإِجَازَةِ) مِنْ الِابْنَيْنِ لَهُمَا، وَالْبَاقِي لِلِابْنَيْنِ، فَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ، لِصَاحِبِ النَّصِيبِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْآخَرِ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ (وَمَعَ الرَّدِّ) مِنْ الِابْنَيْنِ عَلَى الْوَصِيَّيْنِ (الثُّلُثُ) بَيْنَ الْوَصِيَّيْنِ (عَلَى خَمْسَةٍ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ، وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ) لِصَاحِبِ النَّصِيبِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْآخَرِ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ. (وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةُ الثَّانِي بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ النِّصْفِ) بِأَنْ وَصَّى لِوَاحِدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ ابْنَيْهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ النِّصْفِ، (فـَ) إنَّهَا تَصِحُّ (مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) لِأَنَّ مَخْرَجَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ سِتَّةٌ، وَثُلُثُهَا اثْنَانِ، فَإِذَا طَرَحْتَ مِنْ نِصْفِهَا ثَلَاثَةً بَقِيَ وَاحِدٌ، وَلَا ثُلُثَ لَهُ صَحِيحٌ، فَتَضْرِبُ السِّتَّةَ فِي مَخْرَجِ الثُّلُثِ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (فَلِصَاحِبِ النَّصِيبِ الثُّلُثُ سِتَّةٌ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ النِّصْفِ) وَالْبَاقِي مِنْهُ ثَلَاثَةٌ، وَثُلُثُهَا (سَهْمٌ، يَبْقَى أَحَدَ عَشَرَ لِلِابْنَيْنِ) لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا، فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (وَتَصِحُّ) الْمَسْأَلَةُ (مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، لِصَاحِبِ النَّصِيبِ اثْنَا عَشَرَ) ثُلُثُ الْمَالِ (وَلِلْآخَرِ) الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ النِّصْفِ (سَهْمَانِ) لِأَنَّ نِصْفَ السِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَالْبَاقِي مِنْهُ بَعْدَ الثُّلُثِ سِتَّةٌ وَثُلُثُهَا اثْنَانِ؛ فَهُوَ الْمُوصَى بِهِ لِلْآخَرِ، (وَ) يَبْقَى اثْنَانِ وَعِشْرُونَ (لِكُلِّ ابْنٍ أَحَدَ عَشَرَ إنْ أَجَازَا)؛ أَيْ: الِابْنَانِ (لَهُمَا)؛ أَيْ: الْوَصِيَّيْنِ (وَمَعَ الرَّدِّ) مِنْ الِابْنَيْنِ لِلْوَصِيَّيْنِ (الثُّلُثُ) بَيْنَ الْوَصِيَّيْنِ (عَلَى سَبْعَةٍ) وَهِيَ سِهَامُهُمَا مِنْ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ لَهُ اثْنَا عَشَرَ، وَالْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ النِّصْفِ سَهْمَانِ، وَهُمَا مُتَوَافِقَانِ بِالنِّصْفِ، فَرُدَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى وَفْقِهِ يَبْلُغَانِ مَا ذُكِرَ (وَتَصِحُّ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ، لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ (سِتَّةٌ، وَلِلْآخَرِ سَهْمٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةُ) أَسْهُمٍ. (وَإِنْ خَلَّفَ) الْمَيِّتُ (أَرْبَعَةَ بَنِينَ وَ) كَانَ قَدْ (وَصَّى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ إلَّا مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ)؛ أَيْ: الْأَرْبَعَةِ بَنِينَ (فَأَعْطِ زَيْدًا وَابْنًا الثُّلُثَ، وَ) أَعْطِ (الثَّلَاثَةَ) الْبَنِينَ الْبَاقِينَ (الثُّلُثَيْنِ) فَتَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ (لِكُلِّ ابْنٍ تُسْعَانِ وَلِزَيْدٍ تُسْعٌ) لِأَنَّ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةٌ مَضْرُوبٌ فِي ثَلَاثَةٍ عَدَدِ الْبَاقِينَ بَعْدَ الِابْنِ وَزَيْدٍ، تَكُونُ تِسْعَةً، لِزَيْدٍ ثُلُثُهَا، وَالْبَاقِي سِتَّةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ بَنِينَ، لِكُلِّ ابْنٍ تُسْعَانِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الثُّلُثِ مِثْلُ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ اثْنَانِ، وَإِذَا أَسْقَطْتَهُمَا مِنْ ثَلَاثَةٍ بَقِيَ سَهْمٌ لِزَيْدٍ، وَهُوَ التُّسْعُ، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ لِزَيْدٍ الثُّلُثَ، اسْتَثْنَى مِنْهُ نَصِيبَ ابْنٍ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُ الْبَنِينَ نَصِيبَهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَبَقِيَّةُ الْبَنِينَ يَخْتَصُّونَ بِالثُّلُثَيْنِ بَيْنَهُمْ سَوِيَّةً، فَمَا حَصَلَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الثُّلُثَيْنِ، أُخِذَ مِنْ زَيْدٍ مِنْ الثُّلُثِ نَظِيرُهُ، وَيَبْقَى بَاقِي الثُّلُثِ لِزَيْدٍ (وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ)؛ أَيْ: الْبَنِينَ الْأَرْبَعَةِ (إلَّا سُدُسَ جَمِيعِ الْمَالِ، وَوَصَّى لِعَمْرٍو بِثُلُثٍ بَاقِي الثُّلُثِ بَعْدَ النَّصِيبِ؛ صَحَّتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ، لِكُلِّ ابْنٍ تِسْعَةَ عَشَرَ) وَهِيَ النَّصِيبُ (وَلِزَيْدٍ خَمْسَةٌ) لِأَنَّهَا الْبَاقِي مِنْ النَّصِيبِ بَعْدَ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ (وَلِعَمْرٍو ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهَا ثُلُثُ بَاقِي الثُّلُثِ بَعْدَ النَّصِيبِ، لِأَنَّ ثُلُثَهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ، وَالنَّصِيبُ تِسْعَةَ عَشَرَ، فَبَاقِي الثُّلُثِ تِسْعَةٌ، وَثُلُثُهَا ثَلَاثَةٌ (لِضَرْبِكَ الثُّلُثَ) ثَلَاثَةً (فِي عَدَدِ الْبَنِينَ) الْأَرْبَعَةِ (بِاثْنَيْ عَشَرَ، لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةُ) أَسْهُمٍ (وَيُزَادُ لِزَيْدٍ مِثْلُ نَصِيبِ ابْنٍ) ثَلَاثَةٌ (فَاسْتَثْنِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ اثْنَيْنِ سُدُسَ الْجَمِيعِ) وَهُوَ (اثْنَانِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، زِدْهُمَا)؛ أَيْ: الِاثْنَيْنِ (عَلَيْهَا بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ اضْرِبْهَا)؛ أَيْ: الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ (فِي مَخْرَجِ السُّدُسِ) لِيَخْرُجَ الْكَسْرُ صَحِيحًا (بِأَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ،). (وَإِنْ) (خَلَّفَ) مَيِّتٌ (أُمًّا وَبِنْتًا وَأُخْتًا) لِغَيْرِ أُمٍّ وَ(أَوْصَى) لِشَخْصٍ (بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُمِّ وَسُبْعِ مَا بَقِيَ) مِنْ الْمَالِ بَعْدَ مِثْلِ نَصِيبِ الْأُمِّ (وَ) وَصَّى (لِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُخْتِ وَرُبُعِ مَا بَقِيَ) بَعْدَ مِثْلِ نَصِيبِ الْأُخْتِ (وَ) وَصَّى (لِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ) بَعْدَ مِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ، وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصَايَا (فَمَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ مِنْ سِتَّةٍ) لِأَنَّ فِيهَا نِصْفًا وَسُدُسًا، وَمَا بَقِيَ لِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ سَهْمٌ وَلِلْأُخْتِ سَهْمَانِ (لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ السِّتَّةِ سَهْمٌ) لَهُ أَرْبَعَةٌ (وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُخْتِ سَهْمَانِ وَرُبُعُ مَا بَقِيَ) مِنْ السِّتَّةِ (سَهْمٌ) فَيَجْتَمِعُ لَهُ ثَلَاثَةٌ (وَلِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُمِّ سَهْمٌ وَسُبْعُ مَا بَقِيَ) مِنْ السِّتَّةِ (وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ سَهْمٍ، فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْمُوصَى بِهِ) لَهُمْ (ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ سَهْمٍ تُضَافُ إلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ) وَهِيَ سِتَّةٌ (تَكُونُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ) سَهْمٍ (تُضْرَبُ فِي سَبْعَةٍ لِيَخْرُجَ الْكَسْرُ صَحِيحًا، تَبْلُغُ مِائَةً وَثَلَاثَةً، فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةِ أَسْبَاعٍ مَضْرُوبٌ فِي سَبْعَةٍ؛ فَلِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ) مَضْرُوبَةٌ (فِي سَبْعَةٍ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ) حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي سَبْعَةٍ (وَلِلْأُمِّ سَبْعَةٌ) حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ وَاحِدٍ فِي سَبْعَةٍ (وَلِمُوصًى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ أَرْبَعَةٌ) مَضْرُوبَةٌ (فِي سَبْعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ، وَلِمُوصًى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُخْتِ وَرُبُعِ مَا بَقِيَ أَرْبَعَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي إحْدَى وَعِشْرِينَ) حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي سَبْعَةٍ (وَلِمُوصًى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْأُمِّ وَسُبْعِ مَا بَقِيَ اثْنَا عَشَرَ) حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ وَاحِدٍ وَخَمْسَةِ أَسْبَاعٍ فِي سَبْعَةٍ (وَهَكَذَا) تَفْعَلُ (بِكُلِّ مَا وَرَدَ) عَلَيْكَ (مِنْ هَذَا الْبَابِ) لِأَنَّهَا طَرِيقَةٌ صَحِيحَةٌ [مُوَافِقَةٌ] لِلصَّوَابِ وَالْقَوَاعِدِ، هَذَا مَعَ الْإِجَازَةِ، وَمَعَ الرَّدِّ تُقَسِّمُ الثُّلُثَيْنِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى سِتَّةٍ، وَالثُّلُثَ بَيْنَ الْأَوْصِيَاءِ عَلَى أَحَدٍ وَسِتِّينَ، وَلِقِسْمَتِهِ طُرُقٌ أَقْرَبُهَا أَنْ تَجْمَعَ سِهَامَ الْأَوْصِيَاءِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ تَجِدَهَا أَحَدًا وَسِتِّينَ سَهْمًا، وَتُقَسِّمَ الثُّلُثَ عَلَيْهَا تَجِدْهَا طِبْقَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ، غَيْرَ أَنَّ تِلْكَ كَانَتْ مِنْ الْجَمِيعِ، وَهَذِهِ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ الثُّلُثِ. (وَإِنْ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ، وَوَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا رُبُعَ الْمَالِ، فَخُذْ الْمَخْرَجَ)؛ أَيْ: مَخْرَجَ الْكَسْرِ وَهُوَ الرُّبُعُ الْمُسْتَثْنَى (أَرْبَعَةٌ، وَزِدْ) عَلَى الْأَرْبَعَةِ (رُبُعَهُ) وَهُوَ وَاحِدٌ (يَكُنْ) الْمُجْتَمِعُ (خَمْسَةً؛ فَهُوَ نَصِيبُ كُلِّ ابْنٍ) مِنْ الثَّلَاثَةِ (وَزِدْ عَلَى عَدَدِ الْبَنِينَ وَاحِدًا) يَكُنْ أَرْبَعَةً (وَاضْرِبْهُ)؛ أَيْ: الْمَجْمُوعَ مِنْ عَدَدِ الْبَنِينَ وَالْوَاحِدَ الْمُزَادَ عَلَيْهِ (فِي الْمَخْرَجِ)؛ أَيْ: مَخْرَجِ الْكَسْرِ الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ أَرْبَعَةٌ (يَكُنْ) الْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ (سِتَّةَ عَشَرَ، أَعْطِ الْمُوصَى لَهُ) مِنْ ذَلِكَ (نَصِيبًا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَاسْتَثْنِ مِنْهُ)؛ أَيْ: النَّصِيبِ وَهُوَ خَمْسَةٌ (رُبُعَ الْمَالِ)؛ أَيْ: الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى فِي وَصِيَّتِهِ (أَرْبَعَةً يَبْقَى لَهُ)؛ أَيْ: الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى (سَهْمٌ وَ) الْبَاقِي لِلْبَنِينَ (لِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ، وَإِنْ شِئْتَ خَصَصْتَ كُلَّ ابْنٍ بِرُبُعِ) الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنَى، فَيُعْطَى كُلُّ ابْنٍ أَرْبَعَةٌ مِنْ السِّتَّةَ عَشَرَ (وَقَسَمْتَ الرُّبُعَ الْبَاقِيَ) وَهُوَ أَرْبَعَةٌ (بَيْنَهُمْ)؛ أَيْ: الْبَنِينَ (وَبَيْنَهُ)؛ أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (عَلَى أَرْبَعَةٍ) لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ فَيَجْتَمِعُ لِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ، وَلِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ، وَعَلَى هَذَا فَتَعْلَمُ انْتِفَاءَ وُرُودِ السُّؤَالِ، وَهُوَ أَنَّ الْمِثْلَ مَعَ الثَّلَاثَةِ رُبُعٌ، فَكَيْفَ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الرُّبُعُ، وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ بِالرُّبُعِ، بَلْ بِمِثْلِ نَصِيبِ الِابْنِ، وَنَصِيبُهُ هُوَ مَا يَسْتَقِرُّ لَهُ، وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ رُبُعِ الْمَالِ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هَذَا النَّصِيبِ الْمُسْتَقِرِّ رُبُعُ الْمَالِ كَمَا عَلِمْت، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَظَائِرِهِ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَكْثَرِ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَأَجَابَ عَنْهُ أَبُو الْخَطَّابِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِنَّمَا كَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ بَعْضٍ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا بِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَكْثَرِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ فِي الْعَدَدِ خَاصَّةً. (وَإِنْ قَالَ) الْمُوصِي: أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيَّ الثَّلَاثَةِ (إلَّا رُبُعَ الْبَاقِي بَعْدَ النَّصِيبِ، فَزِدْ عَلَى عَدَدِ) سِهَامِ (الْبَنِينَ سَهْمًا وَرُبُعًا) لِيَكُونَ الْبَاقِي بَعْدَ النَّصِيبِ مِنْ الْمَبْلَغِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الضَّرْبِ رُبُعًا صَحِيحًا (وَاضْرِبْهُ)؛ أَيْ: الْحَاصِلَ مِنْ عَدَدِ الْبَنِينَ وَالْمُزَادَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَرُبُعٌ (فِي أَرْبَعَةٍ) مَخْرَجِ الْكَسْرِ الْمُسْتَثْنَى (يَكُنْ) حَاصِلُ الضَّرْبِ (سَبْعَةَ عَشَرَ) لِلْمُوصَى (لَهُ) مِنْهَا (سَهْمَانِ) لِأَنَّ النَّصِيبَ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ دَائِمًا مَخْرَجُ الْجُزْءِ الْمُسْتَثْنَى مَعَ زِيَادَةِ وَاحِدٍ، فَإِذَا أَسْقَطْتَ الْخَمْسَةَ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ يَبْقَى اثْنَا عَشَرَ، فَإِذَا سَقَطَ مِنْهَا رُبُعُهَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، يَبْقَى مِنْ النَّصِيبِ سَهْمَانِ لِلْوَصِيَّةِ (وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ) وَإِنْ أَرَدْتَ عَمَلَهَا بِطَرِيقِ الْجَبْرِ تَأْخُذُ مَالًا وَتَدْفَعُ مِنْهُ نَصِيبًا إلَى الْمُوصَى لَهُ وَاسْتَثْنِ مِنْهُ رُبُعَ الْبَاقِي وَهُوَ رُبُعُ مَالٍ إلَّا رُبُعَ نَصِيبٍ، صَارَ مَعَكَ مَالٌ وَرُبُعٌ إلَّا نَصِيبًا وَرُبُعًا، يَعْدِلُ ذَلِكَ أَنْصِبَاءَ الْبَنِينَ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، أَجْبِرْ وَقَابِلْ، يَحْصُلْ مَعَكَ مَالٌ وَرُبُعٌ يَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَنْصِبَاءٍ وَرُبُعَ نَصِيبٍ، فَابْسُطْ الْكُلَّ أَرْبَاعًا يَبْلُغُ خَمْسَةَ أَمْوَالٍ تَعْدِلُ سَبْعَةَ عَشَرَ نَصِيبًا، فَاقْلِبْ وَحَوِّلْ بِأَنْ تَجْعَلَ الْمَالَ مَوْضِعَ النَّصِيبِ، وَالنَّصِيبَ مَوْضِعَ الْمَالِ، يَخْرُجُ النَّصِيبُ خَمْسَةً وَالْمَالُ سَبْعَةَ عَشَرَ.
(وَ) إنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيَّ الثَّلَاثَةِ (إلَّا رُبُعَ الْبَاقِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، فَاجْعَلْ الْمَخْرَجَ ثَلَاثَةً وَزِدْ) عَلَيْهِ (وَاحِدًا تَكُنْ)؛ أَيْ: تَبْلُغُ (أَرْبَعَةً فَهُوَ النَّصِيبُ، وَزِدْ عَلَى سِهَامِ الْبَنِينَ) الثَّلَاثَةِ (سَهْمًا) لِيَكُونَ النَّصِيبُ أَرْبَعَةً (وَ) زِدْ أَيْضًا (ثُلُثًا) لِأَجْلِ الْوَصِيَّةِ (وَاضْرِبْهُ)؛ أَيْ: الْمُجْتَمِعَ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَثُلُثٌ (فِي ثَلَاثَةٍ) الَّتِي هِيَ الْمَخْرَجُ (يَكُنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ) سَهْمًا (لَهُ)؛ أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (سَهْمٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةٌ) وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: الْمَالُ كُلُّهُ ثَلَاثَةُ أَنْصِبَاءٍ وَوَصِيَّةٌ، وَالْوَصِيَّةُ هِيَ نَصِيبٌ إلَّا رُبُعَ الْمَالِ الْبَاقِي بَعْدَهَا، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ نَصِيبٍ، فَيَبْقَى رُبُعُ نَصِيبٍ وَهُوَ وَصِيَّةٌ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ ثَلَاثَةٌ وَرُبُعٌ، فَأَلْقِ مِنْ وَاحِدٍ رُبُعَهَا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ، يَبْقَى رُبُعٌ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ، زِدْهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ يَبْلُغُ ثَلَاثَةً وَرُبُعًا، وَهُوَ الْمَالُ، فَابْسُطْ الْكُلَّ أَرْبَاعًا لِيَزُولَ الْكَسْرُ يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، لِلْوَصِيَّةِ وَاحِدٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةٌ، وَفِي أَكْثَرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصُّوَرِ طُرُقٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ، وَقَدْ أَطَالَ الْأَصْحَابُ وَالْفَرْضِيُّونَ وَالْحُسَّابُ عَلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَظَائِرِهَا، وَوَضَعُوا لَهَا كُتُبًا أَفْرَدُوهَا فِي هَذَا الْفَنِّ قَصْدًا لِلتَّمْرِينِ، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

.(بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ):

(الْمُوصَى إلَيْهِ): وَهُوَ الْمَأْذُونُ لَهُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ. (الدُّخُولُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَوِيِّ عَلَيْهَا قُرْبَةٌ) مَنْدُوبَةٌ لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ لَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ أَوْصَى إلَى عُمَرَ. وَأَوْصَى إلَى الزُّبَيْرِ سِتَّةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ: مِنْهُمْ، عُثْمَانُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَلِأَنَّهُ مَعُونَةٌ لِلْمُسْلِمِ، فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} وقَوْله تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ» وَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (وَتَرْكُهُ)؛ أَيْ: الدُّخُولِ فِي الْوَصِيَّةِ (أَوْلَى) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ، وَهُوَ لَا يَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا (فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ) إذْ الْغَالِبُ فِيهَا الْعَطَبُ وَقِلَّةُ السَّلَامَةِ، لَكِنْ رَدَّ الْحَارِثِيُّ ذَلِكَ، وَقَالَ: الْوَصِيَّةُ إمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ، وَأَوْلَوِيَّةُ تَرْكِ الدُّخُولِ يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِهَا. قَالَ: فَالدُّخُولُ قَدْ يَتَعَيَّنُ فِيمَا هُوَ مُعَرَّضٌ لِلضَّيَاعِ، إمَّا لِعَدَمِ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ دَرْءِ الْمَفْسَدَةِ وَجَلْبِ الْمَصْلَحَةِ. (وَتَصِحُّ) وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ (إلَى) كُلِّ (مُسْلِمٍ) لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَلِي مُسْلِمًا (مُكَلَّفٍ) فَلَا تَصِحُّ إلَى طِفْلٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا أَبْلَهٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَأَهَّلُونَ إلَى تَصَرُّفٍ أَوْ وِلَايَةٍ (رَشِيدٍ) فَلَا تَصِحُّ إلَى سَفِيهٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ (عَدْلٍ) إجْمَاعًا (وَلَوْ) كَانَ الْمُوصَى إلَيْهِ (مَسْتُورًا)؛ أَيْ: ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ، (أَوْ) كَانَ (عَاجِزًا وَيُضَمُّ) إلَيْهِ (قَوِيٌّ أَمِينٌ أَوْ) كَانَ الْمُوصَى إلَيْهِ (أُمَّ وَلَدٍ أَوْ قِنًّا وَلَوْ) كَانَا (لِمُوصٍ) لِصِحَّةِ اسْتِنَابَتِهِمَا فِي الْحَيَاةِ، أَشْبَهَا الْحُرَّ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ». وَالرِّعَايَةُ وِلَايَةٌ فَوَجَبَ ثُبُوتُ الصِّحَّةِ، وَلِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْعَدَالَةِ وَالِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَيَاةِ فَتَأَهَّلَ لِلْإِسْنَادِ إلَيْهِ، وَأَمَّا أَنَّهُ لَا يَلِي عَلَى ابْنِهِ؛ فَلَا أَثَرَ لَهُ بِدَلِيلِ الْمَرْأَةِ، وَكَوْنُ عَبْدِ الْغَيْرِ يَتَوَقَّفُ تَصَرُّفُهُ عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِ، لَا أَثَرَ لَهُ أَيْضًا بِدَلِيلِ تَوَقُّفِ التَّنْفِيذِ لِلْقَدْرِ [الْمُجَاوِزِ] لِلثُّلُثِ عَلَى إذْنِ الْوَارِثِ (وَيَقْبَلُ) الْقِنُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ إنْ كَانَتْ لِغَيْرِ مُوصٍ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مَمْلُوكَةٌ لَهُ، وَفِعْلُ مَا وُصِّيَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَا يَسْتَقِلُّ بِهَا، فَلَمْ يَجُزْ فِعْلُهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِ مَنْفَعَتِهِ. وَكَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى مَنْ ذُكِرَ تَصِحُّ (مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ لَيْسَتْ تَرِكَتُهُ نَحْوَ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ) وَنَحْوَهُمَا كَسِرْجِينٍ نَجِسٍ، (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (مِنْ كَافِرٍ إلَى) كَافِرٍ (عَدْلٍ فِي دِينِهِ) لِأَنَّهُ يَلِي عَلَى غَيْرِهِ بِالنَّسَبِ، فَيَلِي بِالْوَصِيَّةِ كَالْمُسْلِمِ (وَتُعْتَبَرُ) هَذِهِ (الصِّفَاتُ) الْمَذْكُورَةُ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ وَالرُّشْدِ وَالْعَدَالَةِ (حِينَ مَوْتِ) مُوصٍ؛ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَمْلِكُ الْمُوصَى إلَيْهِ التَّصَرُّفَ بِالْإِيصَاءِ (وَ) يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا حِينَ (وَصِيَّةِ) مُوصٍ؛ لِأَنَّهَا شُرُوطٌ لِصِحَّتِهَا، فَاعْتُبِرَ وُجُودُهَا حَالَهَا (فَإِنْ تَغَيَّرَتْ) هَذِهِ الصِّفَاتُ (بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ عَادَتْ قَبْلَ مَوْتِ) مُوصٍ (عَادَ) الْمُوصَى إلَيْهِ (لِعَمَلِهِ) لِعَدَمِ الْمَانِعِ، وَ(لَا) يَعُودُ مُوصًى إلَيْهِ إلَى الْوَصِيَّةِ (إنْ) زَالَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لِوُجُودِ الْمُنَافِي، أَوْ زَالَتْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَ(لَمْ تَعُدْ قَبْلَهُ)؛ أَيْ: الْمَوْتِ؛ لِانْعِزَالِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِزَوَالِ الصِّفَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِصِحَّتِهَا (وَيَصِحُّ قَبُولُ وَصِيَّةٍ فِي حَيَاةِ مُوصٍ) لِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، فَصَحَّ قَبُولُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْوَكَالَةِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ؛ فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي وَقْتٍ، فَلَمْ يَصِحَّ الْقَبُولُ قَبْلَهُ، (وَ) يَصِحُّ الْقَبُولُ أَيْضًا (بَعْدَهُ)؛ أَيْ: بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهَا نَوْعُ وَصِيَّةٍ، فَصَحَّ قَبُولُهُ إذَنْ كَوَصِيَّةِ الْمَالِ (فَمَتَى قَبِلَ) مُوصًى إلَيْهِ (صَارَ وَصِيًّا) قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَقُومُ فِعْلُ التَّصَرُّفِ مَقَامَ اللَّفْظِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ. قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ، وَهُوَ أَظْهَرُ (وَتَنْعَقِدُ) الْوَصِيَّةُ إلَى شَخْصٍ (بـِ) قَوْلِ مُوصٍ: (فَوَّضْت) إلَيْك كَذَا (أَوْ وَصَّيْت إلَيْك بِكَذَا) أَوْ وَصَّيْت إلَى زَيْدٍ بِكَذَا (أَوْ أَنْتَ) وَصِيِّي، أَوْ زَيْدٌ وَصِيِّي فِي كَذَا (أَوْ جَعَلْتُك) أَوْ جَعَلْت زَيْدًا (وَصِيِّي) عَلَى كَذَا. (وَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (إلَى فَاسِقٍ أَوْ) إلَى (صَبِيٍّ وَلَوْ مُرَاهِقًا أَوْ) إلَى (سَفِيهٍ أَوْ) إلَى (مَجْنُونٍ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ وَالْأَمَانَةِ (أَوْ إلَى كَافِرٍ مِنْ مُسْلِمٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا نَظَرَ لِحَاكِمٍ مَعَ وَصِيٍّ خَاصٍّ كُفُؤٍ فِي ذَلِكَ التَّصَرُّفِ الَّذِي أُسْنِدَ إلَيْهِ)؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَقْطَعُ نَظَرَ الْحَاكِمِ، لَكِنْ لَهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَ مَا لَا يَسُوغُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ. (وَمَنْ نَصَبَ وَصِيًّا، وَنَصَبَ عَلَيْهِ نَاظِرًا؛ يَرْجِعُ الْوَصِيُّ لِرَأْيِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ) الْوَصِيُّ (إلَّا بِإِذْنِهِ جَازَ) فَإِنْ خَالَفَ؛ لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِهِ وَحْدَهُ (وَإِنْ حَدَثَ عَجْزٌ) لِمُوصًى إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ (لِضَعْفٍ أَوْ عِلَّةٍ) كَعَمًى (أَوْ كَثْرَةِ عَمَلٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يَشُقُّ مَعَهُ الْعَمَلُ (وَجَبَ ضَمُّ أَمِينٍ) إلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِ الْمُوصَى إلَيْهِ فِيهِ، وَإِلَّا تَعَطَّلَ الْحَالُ، وَحَيْثُ ضُمَّ الْأَمِينُ إلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ مُنْفَرِدًا (وَالْأَوَّلُ هُوَ الْوَصِيُّ فَقَطْ) قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: ضُمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ، وَلَمْ يَنْعَزِلْ إجْمَاعًا. (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِمُنْتَظِرِ) أَهْلِيَّتِهِ (كـَ) أَنْ يُوصِيَ إلَى صَغِيرٍ بِأَنْ يَكُونَ وَصِيًّا (إذَا بَلَغَ، أَوْ) وَصَّى إلَى غَائِبٍ لِيَكُونَ وَصِيًّا إذَا (حَضَرَ) مِنْ غَيْبَتِهِ، (أَوْ) وَصَّى إلَى سَفِيهٍ إذَا (رَشِدَ أَوْ) إلَى فَاسِقٍ إذَا (تَابَ مِنْ فِسْقِهِ، أَوْ) إلَى مَرِيضٍ إذَا (صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ، أَوْ إذَا صَالَحَ أُمَّهُ) عَمَّا تَدَّعِيهِ، أَوْ إلَى كَافِرٍ إذَا أَسْلَمَ، (أَوْ) يُوصِيَ إلَى شَخْصٍ، وَيَقُولَ: (إنْ مَاتَ الْوَصِيُّ فَزَيْدٌ وَصِيٌّ) بِذَلِكَ (أَوْ) يَقُولَ: (زَيْدٌ وَصِيٌّ سَنَةً ثُمَّ عَمْرو) وَصِيٌّ بَعْدَهَا، فَإِذَا قَالَ: أَوْصَيْت إلَيْك، فَإِذَا بَلَغَ ابْنِي فَهُوَ وَصِيِّي؛ صَحَّ ذَلِكَ، فَإِذَا بَلَغَ ابْنُهُ صَارَ وَصِيَّهُ، وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ: أَوْصَيْت إلَيْك، فَإِذَا تَابَ ابْنِي مِنْ فِسْقِهِ، أَوْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ، أَوْ صَالَحَ أُمَّهُ عَنْ دَعْوَاهَا عَلَيْهِ، أَوْ رَشِدَ، فَهُوَ وَصِيِّي؛ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا، وَيَصِيرُ الْمَذْكُورُ وَصِيًّا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ؛ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ، فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ». وَالْوَصِيَّةُ كَالتَّأْمِيرِ (وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ) الْأَعْظَمُ: (الْخَلِيفَةُ بَعْدِي فُلَانٌ، فَإِنْ مَاتَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ فَ) الْخَلِيفَةُ بَعْدِي (فُلَانٌ؛ صَحَّ) عَلَى مَا قَالَ (وَكَذَا فِي ثَالِثٍ وَرَابِعٍ) قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَ(لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (لِلثَّانِي إنْ قَالَ) الْإِمَامُ: (فُلَانٌ وَلِيُّ عَهْدِي، فَإِنْ وَلِيَ ثُمَّ مَاتَ، فَفُلَانٌ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ إذَا وَلِيَ صَارَ الِاخْتِيَارُ وَالنَّظَرُ إلَيْهِ، فَالْعَهْدُ إلَيْهِ فِيمَنْ يَرَاهُ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا جَعَلَ الْعَهْدَ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَتَغَيُّرُ صِفَاتِهِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَمْ يَثْبُتْ لِلْمَعْهُودِ إلَيْهِ فِيهَا إمَامَةٌ (وَإِنْ عَلَّقَ وَلِيُّ الْأَمْرِ وِلَايَةَ حُكْمٍ أَوْ) إمَارَةً أَوْ وِلَايَةَ (وَظِيفَةٍ بِشَرْطِ شُغُورِهَا)؛ أَيْ: تَعَطُّلِهَا (أَوْ غَيْرَهُ) كَمَوْتِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ (فَلَمْ يُوجَدْ) الشَّرْطُ (حَتَّى أَقَامَ وَلِيُّ أَمْرٍ) غَيْرَهُ مَقَامَهُ (صَارَ الِاخْتِيَارُ لَهُ)؛ أَيْ: لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْأَوَّلِ بَطَلَ بِمَوْتِهِ؛ كَمَنْ عَلَّقَ عِتْقًا أَوْ طَلَاقًا بِشَرْطٍ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ وُجُودِهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ؛ فَتَبْطُلُ تَصَرُّفَاتُهُ (وَمَنْ وَصَّى زَيْدًا) عَلَى أَوْلَادِهِ وَنَحْوَهُ (ثُمَّ) وَصَّى (عَمْرًا؛ اشْتَرَكَا) كَمَا لَوْ وَكَّلَهُمَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَاسْتَوَيَا فِيهَا، كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً (إلَّا أَنْ يَخْرُجَ زَيْدًا) فَتَبْطُلَ وَصِيَّتُهُ لِلرُّجُوعِ عَنْهَا (وَلَا يَنْفَرِدُ بِتَصَرُّفٍ وَحِفْظٍ غَيْرُ وَصِيٍّ مُفْرَدٍ) عَنْ غَيْرِهِ، كَالْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِتَصَرُّفِهِمَا، وَانْفِرَادُ أَحَدِهِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْمُوصِي التَّصَرُّفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ جَعَلَهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَهُ الِانْفِرَادُ حِينَئِذٍ؛ لِرِضَى الْمُوصِي بِذَلِكَ، أَوْ يَجْعَلَ التَّصَرُّفَ لِأَحَدِهِمَا وَالْيَدَ لِلْآخَرِ؛ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ مُنْفَرِدًا، عَمَلًا بِالْوَصِيَّةِ، وَإِذَا أَرَادَ التَّصَرُّفَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاجْتِمَاعِهِمَا أَنْ يَتَلَفَّظَا بِصِيَغِ الْعُقُودِ مَعًا (بَلْ) مَعْنَاهُ أَنَّ التَّصَرُّفَ (يَصْدُرُ عَنْ رَأْيِهِمَا) وَاجْتِهَادِهِمَا، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ أَحَدُهُمَا التَّصَرُّفَ وَحْدَهُ أَوْ يُبَاشِرَهُ الْغَيْرُ بِإِذْنِهِمَا (وَلَوْ لَمْ يُوَكِّلْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ لَمْ يُبَاشِرْ مَعَهُ) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَتَّفِقَا (وَإِنْ جَعَلَ) الْمُوصِي (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (أَنْ يَنْفَرِدَ بِتَصَرُّفٍ) أَوْ جَعَلَ التَّصَرُّفَ لِأَحَدِهِمَا (كَفَى وَاحِدٌ) مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا (وَلَا يُوصِي وَصِيٌّ) لِأَنَّهُ قَصَّرَ تَوْلِيَتَهُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّفْوِيضُ كَالْوَكِيلِ، وَسَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ [لَهُ] أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا لَا يُبَاشِرُهُ مِثْلُهُ أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ فَقَطْ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْأَمْرَاضُ الْمُعْتَادَةُ كَالرَّمَدِ وَالْحُمَّى تَلْتَحِقُ بِنَوْعِ مَا لَا يُبَاشِرُهُ، وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ، كَالْفَالِجِ وَغَيْرِهِ يَلْتَحِقُ بِنَوْعِ مَا يُبَاشِرُهُ، (إلَّا أَنْ يَجْعَلَ) الْمُوصَى (إلَيْهِ) ذَلِكَ، فَيَمْلِكُهُ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ لِوَصِيِّهِ: أَذِنْت لَك أَنْ تُوصِيَ لِمَنْ شِئْت، أَوْ يَقُولَ: كُلُّ مَنْ أَوْصَيْت إلَيْهِ أَنْتَ فَقَدْ أَوْصَيْت أَنَا إلَيْهِ، أَوْ يَقُولَ: كُلُّ مَنْ أَوْصَيْت إلَيْهِ أَنْتَ فَهُوَ وَصِيِّي؛ فَلَهُ أَنْ يُوصِيَ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ رَضِيَ رَأْيَهُ وَرَأْيَ مَنْ يَرَاهُ، وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ اثْنَيْنِ) وَصِيَّيْنِ (لَا يَنْفَرِدَانِ) إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوصِي جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ (بِالتَّصَرُّفِ أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ)؛ أَيْ: أَحَدِهِمَا بِأَنْ جُنَّ أَوْ غَابَ أَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ عَزْلُهُ، كَسَفَهٍ وَعَزْلِهِ نَفْسَهُ (أَوْ مَاتَا هُمَا)؛ أَيْ: الْوَصِيَّانِ أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُمَا (أُقِيمَ)؛ أَيْ: أَقَامَ الْحَاكِمُ (مَقَامَهُ) فِي الْأُولَى أَمِينًا لِيَتَصَرَّفَ مَعَ الْآخَرِ (أَوْ) أَقَامَ (مَقَامَهُمَا) فِي الثَّانِيَةِ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الْحَالُ (وَلَيْسَ لِحَاكِمٍ اكْتِفَاءٌ بِبَاقٍ) مِنْ الْوَصِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَكْتَفِ بِأَحَدِهِمَا، فَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ؛ إذْ الْوَصِيَّةُ تَقْطَعُ نَظَرَ الْحَاكِمِ وَاجْتِهَادَهُ (وَمَنْ عَادَ إلَى حَالِهِ مِنْ عَدَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) بَعْدَ تَغَيُّرِهِ (عَادَ إلَى عَمَلِهِ) مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى تَوْلِيَةِ الْحَاكِمِ وَلَوْ (بَعْدَ عَزْلِهِ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (بِلَا عَقْدٍ جَدِيدٍ، خِلَافًا لَهُ)؛ أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ زَالَتْ؛ أَيْ: الصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ وَالرُّشْدِ وَالْعَدَالَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَلَمْ تَعُدْ قَبْلَ الْمَوْتِ؛ انْعَزَلَ، وَلَمْ تَعُدْ وَصِيَّتُهُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ. (وَيَتَّجِهُ) اعْتِبَارُ (هَذَا)؛ أَيْ: الْمُتَغَيِّرُ حَالُهُ أَنَّهُ [إذَا] عَادَ يَعُودُ إلَى عَمَلِهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ (فِي وَصِيِّ الْمَيِّتِ) الَّذِي رَضِيَ بِهِ وَصِيًّا، وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ، فَلَا يَفْتَقِرُ عَوْدُهُ لِتَجْدِيدِ عَقْدٍ، كَالْأَبِ إذَا فَسَقَ تَعُودُ وِلَايَتُهُ بِعَوْدِ الْأَهْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَنْ سَبَبِ الْأُبُوَّةِ وَهُوَ ثَابِتٌ (لَا مَنْ أَقَامَهُ حَاكِمٌ) فَتَغَيَّرَ حَالُهُ، ثُمَّ عَادَ؛ فَلَا يَعُودُ إلَى عَمَلِهِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهُ سَبَبُهَا تَوْلِيَةُ الْحَاكِمِ، وَقَدْ بَطَلَ السَّبَبُ، فَلَا بُدَّ فِي الْعَوْدِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ السَّبَبِ، ثُمَّ مَا تَصَرَّفَ بَعْدَ الْبُطْلَانِ مَرْدُودٌ لِصُدُورِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، لَكِنَّ رَدَّ الْوَدَائِعِ وَالْغُصُوبِ وَالْعَوَارِيِّ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ الَّتِي جِنْسُهَا فِي التَّرِكَةِ، تَقَعُ مَوْقِعَهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وُصُولُهَا إلَى أَهْلِهَا، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ، وَإِذَا أُعِيدَ وَكَانَ أَتْلَفَ مَالًا؛ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ بَرَاءَتُهُ بِالْقَبْضِ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ لِلْأَبِ، وَقَدْ نَصَّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي النِّكَاحِ. وَقَالَهُ الْحَارِثِيُّ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَصَحَّ قَبُولُ وَصِيٍّ) الْإِيصَاءَ إلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، فَصَحَّ قَبُولُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْوَكَالَةِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ؛ فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي وَقْتٍ، فَلَمْ يَصِحَّ الْقَبُولُ قَبْلَهُ، وَيَصِحُّ الْقَبُولُ أَيْضًا بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ وَصِيَّةٍ، فَصَحَّ قَبُولُهَا إذَنْ كَوَصِيَّةِ الْمَالِ.
(وَ) لِلْوَصِيِّ (عَزْلُ نَفْسِهِ) مَتَى شَاءَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْعَجْزِ (فِي حَيَاةِ مُوصٍ وَبَعْدَ مَوْتِهِ) وَفِي حُضُورِهِ وَغَيْبَتِهِ. هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ: أَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ الْقَبُولِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَبَعْدَهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. (وَيَتَّجِهُ وَلَا يَعُودُ) مَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ (وَصِيًّا بِلَا عَقْدٍ) جَدِيدٍ؛ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْوِصَايَةِ بِاخْتِيَارِهِ، كَالْوَكِيلِ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ هُنَا تَرَكَ حَقَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، فَافْتَقَرَ عَوْدُهُ إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمُوصِي إنْ كَانَ مَوْجُودًا، أَوْ الْحَاكِمِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُوصِي، وَأَمَّا هُنَاكَ فَإِنَّهُ مُنِعَ مِنْ تَعَاطِي الْوِصَايَةِ لِطُرُوِّ تَغَيُّرِ حَالِهِ؛ حِفْظًا لِلْأَمْوَالِ، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ إلَى إيصَائِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلِمُوصٍ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ) كَالْمُوَكَّلِ.
تَتِمَّةٌ:
وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْمُوصِي أَوْ الْحَاكِمُ لِلْوَصِيِّ جُعْلًا مَعْلُومًا كَالْوَكَالَةِ، وَمُقَاسَمَةُ الْوَصِيِّ الْمُوصَى لَهُ نَافِذَةٌ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُمْ، فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِمْ، بِخِلَافِ مُقَاسَمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ؛ فَإِنَّهَا لَا تَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ كَتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ.